بلدية باجة

تاريخ المدينة

كانت تسمى "فاقا " " Vaga " من قبل الرومان وتعني البقرة الحلوب أو تموّجات سنابل القمح في الحقول عند هبوب النسيم. ورغم ذلك يعتقد أن "فاكا" أو "فاقا" هو تحريف للإسم اللوبي أو الفينيقي للمدينة. ثم أخذت المدينة زمن الفتح الإسلامي الإسم الحالي "باجة" وهو مجرد عملية قلب أي ابدال حرف بحرف ليسهل النطق والعرب يعرفون باجة بـ "باجة القمح" أو باجة القيروان أو باجة إفريقية تمييزا لها عن باجة الزيت (قرية بالساحل التونسي) و باجة القديمة (قرب منّوبة) وباجة الأندلس في البرتغال حاليا. وتاريخ باجة ضارب في القدم إذ كانت من أهم المراكز في العهد اللوبي وقرية فلاحية مزدهرة إبّان العهد القرطاجني . وقد عرفت تطورا عمرانيا ذا بال في عهد " ماسينيسا " لمّا أصبح يدير شؤونها " مجلس أعيان " ثم بلغت درجة كبيرة من المجد والأهمية في عصر يوغرطة (116-104 ق م) فقد جعل منها أحد مراكز إقامته وأهم سوق للقموح يؤمها التجار من مختلف أرجاء المملكة ومن خارجها .

        بقيت مدة طويلة دون أهمية تذكر حتى منحها الإمبراطور الروماني" سبتيموس سافاروس" صفة البلدية يدير شؤونها مجلس شيوخ بلدي ... وبعد الدمار الذي لحق المدينة من الوندال أعاد البيزنطيون في عهد "جوستينيان " بناء سورها وقلعتها التي ماتزال قائمة بشموخ على قمّة جبل عين الشمس فأصبحت المدينة في هذا العهد مركزا إستراتيجيا ذا أهمية بالغة، وتواصل هذا الإشعاع خلال العصر الأغلبي فكانت باجة عاصمة إقليم الشمال الغربي وتداول على حكمها عمّال من بني حميد جدّدوا قصبتها ورسموا سورها وبنوا جامعا بها وأقاموا أسواقا وازدهرت فيها الغراسات وتكاثر إنتاج الثمار والزراعات السقوية ... واستمر رخاؤها في بداية العصر الصنهاجي فبلغت قمة رقيّها الاقتصادي وعرف سكّانها الصناعات التقليدية من نسيج و حياكة وتطريز ... وأثناء غزوة بني هلال قدمت إليها جماعات من قبائل بني رياح وتعاقب على حكمها أمراء بدو أشهرهم "بنو نيزال" ... وفي العهد الحفصي استعادت المدينة جزءا من ازدهارها فكانت مسقط رأس العديد من الأسر ذات المكانة المرموقة منها أسرة القلشاني التي قدّمت إلى البلاد عدّة علماء و فقهاء وقضاة نذكر منهم "احمد القلشاني" شارح الرسالة و "عمر القلشاني" صاحب تبصرة الأخيار و "علي القلصادي" عالم الرياضيات الشهير.

       وتركزت بالمدينة أثناء العهد التركي حامية من الإنكشارية تركت بها سلالتها. وفي العهدين "المرادي" و" الحسيني" استعادت باجة دورها القديم في استقطاب المثقّفين وتزويد عاصمة البلاد بحاجياتها من الإطارات العلمية والقضائية فبرز منها مفكّرون مثل اللغوي "محمد التواتي" وعالم المنطق "مسعود المغراوي" والشاعر "محمد الشافعي بن القاضي" و الأديب "العياضي الباجي" و المؤرّخ "محمد الصغير بن يوسف" وأصبحت باجة قاعدة حصينة ومركزا إداريا وسوقا زراعية بها عامل يمثل سلطة الباي . وجدّد "علي باشا" سنة 1746 قصر باردو الواقع شمال شرقي المدينة وهو القصر الذي كان قد شيده أحد أثرياء الجالية التركية المحلية قبل سنة 1615 ميلاد يا . وكان الباي ينزل به صيفا في كل سنة لاستخلاص الجباية .